بين القانون وتعقيدات التنفيذ.. تصاعد الجدل في إيران حول قيادة النساء للدراجات النارية
بين القانون وتعقيدات التنفيذ.. تصاعد الجدل في إيران حول قيادة النساء للدراجات النارية
يتصاعد الجدل في إيران حول حرية تنقّل النساء باستخدام الدراجات النارية، في وقت تتقاطع فيه العادات والتقاليد الاجتماعية مع القوانين واللوائح التنفيذية، لتُشكّل عائقاً عملياً يحول دون حصول النساء على رخص القيادة، رغم عدم وجود نص قانوني صريح يمنع ذلك.
وأعاد هذا الملف إلى الواجهة تصريحاً أدلت به نائبة وزير شؤون المرأة والأسرة زهرة بهروزآذر، أكدت فيه أن «لا يوجد حظر قانوني» على إصدار رخص قيادة الدراجات النارية للنساء، مشيرة إلى أن الحكومة تعمل على توفير متطلبات التنفيذ، بحسب ما ذكرت وكالة "أنباء المرأة"، الأربعاء.
توضح تصريحات المسؤولة الحكومية، التي نقلتها وسائل إعلام إيرانية رسمية، وجود فجوة واضحة بين الموقف القانوني المعلن وبين الواقع التنفيذي، إذ تؤكد السلطات رسمياً عدم وجود منع قانوني، بينما تواجه النساء منذ سنوات عراقيل إدارية وتفسيرات مؤسسية واعتبارات دينية وعرفية حالت دون ترجمة هذا الموقف إلى إجراءات فعلية على الأرض.
حرمان من حق أساسي
يرى ناشطو حقوق المرأة أن هذا الوضع أدى عملياً إلى حرمان النساء من حق أساسي في التنقّل، وحرمهن في الوقت ذاته من التغطية التأمينية والحماية القانونية في حال وقوع حوادث، إضافة إلى خسارتهن فرصاً اقتصادية حقيقية، لا سيما في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة والازدحام المروري في المدن الكبرى.
ويؤكد مسؤولون حكوميون إيرانيون أن الجدل القائم ليس جديداً، بل يأتي امتداداً لسلسلة من التصريحات المتناقضة التي شهدتها الأشهر الماضية، إذ يشير نواب ومحامون مقرّبون من الحكومة، إضافة إلى بعض قرارات المحكمة الإدارية، إلى أن القوانين الحالية لا تتضمن أي نص صريح يمنع إصدار هذه الرخص للنساء، بل إن مؤسسات قضائية ألزمت في حالات محددة الجهات المعنية بمنح الرخص لنساء استوفين الشروط القانونية.
وفي المقابل، يتمسك مسؤولو شرطة المرور بموقف مغاير، معتبرين أن هناك «حظراً تنفيذياً» أو حاجة لتعديل اللوائح التنظيمية قبل السماح بذلك.
تناقض بين القانون والتنفيذ
يشرح محامون وتقارير إعلامية أن جوهر الأزمة يكمن في «التناقض بين نص القانون وآلية تنفيذه»، وفي الغموض الذي يحيط باللوائح التنفيذية والاعتبارات الدينية والعرفية، وهو ما أتاح للشرطة والسلطات المحلية عرقلة إصدار التراخيص عملياً، أو دفع النساء إلى مسارات قضائية معقدة عبر تقديم شكاوى أمام المحاكم.
ويحذّر نشطاء اجتماعيون من أن رفض منح رخص قيادة الدراجات النارية يتجاوز كونه خلافاً قانونياً، إذ يترتب عليه أثر يومي مباشر في حياة النساء، خاصة العاملات وصاحبات المشاريع الصغيرة اللائي يعتمدن على الدراجات النارية كوسيلة نقل أقل كلفة وأكثر مرونة في المدن الكبرى مثل طهران.
ويؤكدون أن حرمانهن من الرخص يعني أيضاً حرمانهن من التأمين، وتعريضهن لمخاطر الغرامات والإجراءات القانونية، ما يحدّ من استقلاليتهن الاقتصادية.
عقبات تقنية ومؤسسية
تشير الجهات الرسمية إلى عقبات تقنية ومؤسسية إضافية، تشمل نقص المدربات والفصول التدريبية المخصصة للنساء، وضعف البنية التحتية التعليمية، والغموض المرتبط بالتأمين والتعويض في حال الحوادث، إلى جانب تحفظات دينية وعرفية لا تزال حاضرة في بعض المؤسسات.
وبينما تشدد الحكومة على ضرورة التنسيق بين الوزارات والشرطة والجهات المعنية، يرى منتقدون أن التنسيق وحده غير كافٍ دون ضمانات قانونية واضحة.
وتعتبر منظمات حقوق المرأة أن القضية تعكس نموذجاً أوسع من القيود الجندرية المفروضة على حرية تنقّل النساء، وتطالب بإصلاحات عاجلة تشمل تعديل اللوائح بشكل صريح، وإنشاء برامج تدريب وتأمين مخصصة، ووضع سياسات واضحة تحدّ من التمييز.
وتخلص هذه المنظمات إلى أن سد الفجوة بين «القانون المعلن» و«التطبيق الفعلي» يظل شرطاً أساسياً لضمان حق النساء في النقل الآمن والمساواة في فرص العمل.










